الغطاء الأخضر أحد أهم العناصر الطبيعية، ويزداد الإنسان راحةً عند قربه من الطبيعة لأنه جزء منها ويتفاعل مع مكوناتها، واليوم يتم أخذ هذا بعين الاعْتِبارِ ضمن مَوجَةِ التطور العقاري التي نعيشها، لأن مدننا وجهٌ للتطور وتعكس مدى اهتمامنا بالإنسان والبيئة واحترامنا لهذا الكون الذي نعيش فيه، ومن هنا ولِدَ مفهوم التشجير الحضري واقتُرِنَ بمسؤولية الفرد والمجتمع، ليكون واحةً في رحلة التوسع العمراني، لنتعرف عليه معاً…
ما مفهوم التشجير الحضري؟
هو العمل على إنشاء بنيةٍ تحتيةٍ خضراءَ ضمن المدن والمناطق السكنية، وتقويةِ الهياكلِ الخضراء من خلال التشجير، وهو إحدى الأدوات المهمة المرتبطة بالتطور العمراني نظراً لإزدياد أعداد السكان في المدن وتوسعها بشكل مُلفت خلال السنوات الماضية، وضرورة إنشاء بيئةٍ صحيةٍ لهؤلاء السكان على اختلاف المستويات بدءاً من أصغر بيت وانتهاءً بالمدينة كاملةً
ما أهمية التشجير الحضري؟
هناك العديدُ من الفوائدِ التي يوفرها التشجيرُ الحضري وبرامجُ الحراجة الزراعية في المدن والمناطق الحضرية، وطبعاً لا نتكلم فقط عن الجمال البديع الذي يوفرهُ الغطاء الأخضر للمدن، إنما باقة واسعة من الميزات الأخرى، كتظليل المباني وتثبيت التربة ومنع تعريتها، وتنقية الجو من الملوثات، والتوفير أيضاً!
لأن أنواع الأشجار والنباتات التي تزرع في حدائق العقارات وفي شرفاتها لا تحتاج للتسميد المنتظم والرعاية المستمرة مقارنةً بباقي المزروعات المعتادة، وسنلقي الضوء على فوائده الهامة ومنها:
استخدام وإعادة توظيف المواقع الحضرية
غالباً ما يكون لدى المدن مواقعُ مهجورة أو غيرِ مستغلةٍ بشكل كافٍ، كمتوسطات الأرصفة والفراغات بين العقارات والأفنية والمداخل وغيرها وبالتالي يمكن تضمين هذه الأماكن في التخطيط لأنظمة التشجير الحضرية، مما يضفي جواً من التنظيم والحضارة للمساحات العقارية.
إنتاج الغذاء
تعتبر زراعةُ المزيد من الأشجار من أكثر الاستراتيجيات فاعليةً للتكيف مع آثار تغير المناخ والحد منها،
فـ لماذا لا توفر هذه الأشجار والمزروعات أيضاً فائدة إنتاج الغذاء للسكان؟
إن التشجيرَ الحضري متعددُ الأغراض أحدُ الوسائل الحديثة للإنتاج الزراعي، صحيحٌ بكميات قليلةٍ نسبياً لكن على الأقل يوجد تشجيعٌ قوي لاستخدامه بغرض الاكتفاء الذاتي لدى السكان.
مُرشَّحاتُ هواءٍ طبيعيةٌ
الأشجار والمزروعات عبارة عن مُرشّحات هواء طبيعية، خاصةً في المناطق المكتظة والملوثة.
تمتص هذه الأشجارُ والنباتات السمومَ مثل أول أكسيد الكربون وأكاسيد الكبريت، وتلتقط الغبار والدخان من الغلاف الجوي بأوراقها، وبالنسبة للأماكن ذات انبعاثاتِ الكربونِ عاليةِ التركيز كالمدن يعدّ هذا الأمر قيماً جداً.
المساهمة في التشجير الحضري
مع التوسع العمراني الكبير الذي تشهده مدننا، يجب على كل فرد أن ينطلق من ذاته للمساهمة في إضافة الرونق والحياة إلى تلك المدن، وأن تستمرَّ المبادرات لتشمل الشركات والمؤسسات الخاصة والحكومية حتى نصل إلى المجتمع ككل، لأن هذه مسؤوليتنا جميعاً…فكيف نبدأ؟؟ سنرى معاً:
على مستوى الفرد
انطلاقاً من كل بيت وشقة، يمكننا كأفراد أن نزين شرفات منازلنا وحدائقنا ببعض الشجيرات والنباتات الصغيرة والمزهرة التي يسهل العناية بها، مثل السوسن والنرجس والياسمين والورد البري والمَغد والأرطى والصبار والمَظ وغيرها من المزروعات الملائمة لبيئتنا الجافة الرملية، فنحصل بذلك على مظهر جذاب ومريح أكثر لبيوتنا ونتمتع بفوائد هذا الغطاء الأخضر.
على مستوى المجتمع
بدأ المجتمع اليوم بعناصره كافّة من أفراد وشركات ومؤسسات بإدراك أهمية التشجير في المناطق السكنية، ومنهم أخذ مبادرات جماعية في بعض الأحياء للزراعة والتشجير، والكثير من الشركات العقارية الآن تَضَعُ في خططها التنظيميةِ وتصاميمها للأبنية مساحاتٍ خضراء وبات الاهتمام يزداد بهندسة الحدائق بشكل عام إذ يخطط مطورو العقارات للحدائق ذات المناظر الطبيعية وحدائق التراس والمساحات الخضراء المفتوحة لأن سكانَ العصرِ الجديد يفضلون العيش في بيئة خضراء ونظيفة.
وهناك أفكارٌ يمكن تطبيقها لتعزيز المساهمة بالتشجير الحضري مثلاً:
- إنشاءُ مجموعات على Facebook و Twitter لمشاركة الصور والمقالات والنصائح حول عمليات التشجير الناجحة.
- إنشاء صندوقٍ مشترك حيث يساهم السكان بمبلغ رمزي لرعاية حملة التشجير وفي نهاية كل أسبوع، يمكن لأفراد مُعَينين من المجتمع المشاركة في الأنشطة التي تهدف إلى تحسين الغطاء الأخضر للمنطقة، على سبيل المثال يمكن لمجموعات من سكان الحي أن يناوبوا على رعاية التربة في منطقتهم بالسماد الطبيعي لتمكين نمو النباتات والأشجار.
- إنشاء نوادي مختصّة تتولى مشاريع زراعة الشتلات على طول الشوارع والأحياء المختلفة.
- نشر الوعي عن طريق الإعلانات واللوحات الجدارية والملصقات لتوعية الجماهير بفوائد التشجير.
شاهد أيضاُ:
هل تبحث عن فرص لاستثمار العقارات بالخارج؟ إليك أفضل الدول للاستثمار العقاري الدولي!
التشجير الحضري في رؤية 2030
السعوديةُ تتألقُ يوماً بعد يوم مع العديد من المبادرات التي تدعو إلى زيادة الغطاء الأخضر وتنمية الطاقات المتجددة في البلاد، ويشمل ذلك العزمَ على سقاية الأشجار المحلية بمياه الأمطار والمياه المعاد تدويرها في المناطق الحضرية مما يساهم في مكافحة التغيّر المناخي عندنا، ورغم أن بلدنا يحتوي على موارد مائية محدودة إلا أنّه هناك الكثير من البرامج الزراعية الطموحة ومنها “مبادرة السعودية الخضراء”، و”مبادرة الشرق الأوسط الأخضر” بالتعاون مع دول عربية أخرى لزراعة 40 مليار شجرة، وهذا الحِرَاكُ نحو التشجير يبشرّ بمناطق سكنية صحية ونظيفة وبلد يَحْضُنُ الجمال في أصغر تفاصيله.
علينا كلنا كأفراد فاعلين في هذا المجتمع، وسكان مخلصين لمدنٍ احتوت قصصنا وعكست طموحنا أن ندعم مبادرات التشجير الحضري وأن نُسَاهِمَ ذاتياً في الأمر لأن الشَّجَرَ عطاءٌ ونماءٌ، فهي لا تحجب ظلها حتى عن الحَطَّاب، فما بالكم بفوائدها للأيدي التي تزرع؟؟!
المصادر والمراجع: